بسم الله الرحمن الرحيم
اللسان نعمة جليلة، ومنحة إلهية عظيمة، وهو مع ذلك مخلوق صغير، ذو حدين، سلاح فتاك خطير، لذا: جاء الإسلام بحفظه ورعايته، ونهى عن أشياءَ ذميمةْ مما تتحركُ به ألسنةُ الناس، لفحشها وقبحها عند الله - عز وجل - وعند الخلق، هذا اللسان من أعظم الجوارح خطورة؛ إذْ هو أسرع الأعضاء حركة وأسهلها تقلبا، فلا شيء أسرع وأسهل حركة منه، ولهذا كان الزلل بهذا العضو وهذه الجارحة من أعظم الزلل وأكبره عند الله - عز وجل -، وقد جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - من أكبر الأسباب التي تكُبُ الناسَ في النار وترميهم فيها حصائد ألسنتهم ونتائج كلامهم فقال "وهل يَكُبُّ الناسَ في النار على وجوههم أو قال: على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم" وأخبر - صلى الله عليه وسلم - " إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله - تعالى -، ما يظن أن تبلغَ ما بلغت [أي: لا يقِّدرُ خطورتها] فيكتُبُ الله عليه بها سخطه إلى يوم القيامة" [رواه أحمد] وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا النَّجَاةُ؟ قَالَ: أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ، وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ" [رواه الترمذي] وأخبر - عليه الصلاة والسلام -" أن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأساً، يهوي بها سبعين خريفاً في النار" [رواه الترمذي] فهذا المتكلم لا يرى فيها كلمته التي ألقاها بين الناس وخرجت من فيه بأساً، ويظن أنه لا شيء فيها، ولكنها في الحقيقة تهوي به سبعين خريفاً في نار جهنم نسأل الله العفو والعافية، ولذلك كان لا بد من المحافظة عباد الله على هذا اللسان، وتسخيره في مجالات الخير من إصلاح ودعوة وطلب علم وذكر لله - عز وجل - إلى غير ذلك مما ينفع في الدنيا والآخرة. ـ إننا لو تأملنا في ألفاظ الناس اليوم وما يتكلمون وتتلفظ به ألسنتهم، وجدنا أنها ألفاظ عامة مسْتشْنعة بشعة، أو أنها مخالفةٌ للأدب الإسلامي الرفيع، وربما وصل بها الحد إلى أن تمسَّ العقيدةَ والتوحيدَ الخالص، وإذا تأملت ودققت النظر فيها عرفت مصدر الخطرِ وعِظَم الأمر وجهل المتكلمين بما يقولون، وبعضُ هذه الألفاظِ التي يستخدمها العامة، ورد فيها النهي الصريح، والحرمة الأكيدة، وسوف نضربُ في هذه الخطبة بعضَ الأمثلةِ على ما يتداولُه الناسُ اليوم في كلامهم وما تلوكوه ألسنتهم،